ماذا بعد فشل .. مفاوضات سد النهضة

جريدة البوابة المصرية
جريدة البوابة المصرية
دار الكتب والوثائق تناقش التجربة النيابية المصرية بعد مائة عام مجلس جامعة طنطا يهنىء الرئيس السيسى بتوليه فترة رئاسية جديدة مجلس جامعة مطروح يناقش الاستعدادات النهائية لامتحانات الفصل الدراسي الثاني مجمع إعلام دمنهور ينظم ندوة بعنوان تاج العزة والانتصار لملحمة الحرب والسلام وكيل وزارة الصحة بالشرقية يجتمع بمديري الإدارات الفنية لمناقشة الاستعدادات لأعياد الربيع وخطة تطعيم المواطنين بالمكتب الدولي تحديد اعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية بجامعة طنطا وفقا لاحتياجات سوق العمل رئيس جامعة بنها يفتتح معرض دكان الفرحة للملابس الجديدة لطلاب الجامعة مجلس جامعة طنطا  يهنىء الرئيس السيسى بتوليه فترة رئاسية جديدة بيطري المنوفية: ضبط 8 طن لحوم ودواجن وأسماك فاسدة وتحرير (32) محضر خلال شهر بجامعة القناة تكريم الطلاب الفائزون في مسابقة القرآن الكريم والمشاركون في مسابقة إبداع 12 ومجتازي الدورة الإذاعية رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف شارع البهلول ببلطيم

مقالات

ماذا بعد فشل .. مفاوضات سد النهضة

محمد عبد المنصف
محمد عبد المنصف

لم أفاجئ بفشل مفاوضات سد النهضة بين مصر واثيوبيا ، ولا باتخاذ الأخيرة قرارا أحاديا ببدء ملئ خزان السد بصرف النظر عن موافقة مصر والسودان من عدمه، ولا بانتهاء القمة الأفريقية المصغرة دون التوصل لقرارات ملزمة ، فقد كان واضحا منذ بداية المفاوضات مراوغة الجانب الاثيوبي لفرض الأمر الواقع.
فمن المؤكد أن أغلب الذين عملوا في ملف حوض النيل علي مدي ربع قرن مضي ، منذ انتهاء مشروع التكونيل 1998 ، ينتابهم نفس الشعور بان المصريين لم يضعوا العلاقات مع الأفارقة علي رأس أولوياتهم ، وبخاصة وسائل الاعلام المختلفة التي لم تحرص يوما علي ان يكون لها مراسلين دائمين داخل هذه الدول.
وكذلك شركات الاستيراد والتصدير ، ونقاط التجارة وجهات فحص الواردات من أفريقيا، وكثير من الباحثين الذين قدموا بحوثا بعيده عن احتياجات المجتمع الأفريقي، ففي الوقت الذي افتتحت فيه اثيوبيا قناة ناطقة بالعربية لا نجد قناة مصرية ناطقة باللغة الأمهرية أو السواحلية .
لقد شاركت بالحضور المباشر في اجتماعات خبراء المياه من دول حوض النيل مع نظرائهم من المصريين، بداية من عام 1997 لاحظت خلالها ، قصر نظر القائمين علي الأمور في استيعاب البعد القومي للمشكلة ، وكان ترشيح القائمين باي عمل يتعلق بادارة الملف يتم بالواسطه بصرف النظر عما يمكن ان يقدمه من اضافات في العمل.
فمنذ أن استن أحد وزراء الري السابقين سنة سيئة بالسماح لمهندسي الري بالقطاعات المختلفة بالسفر الي السودان واوغندا للعمل في بعثة الري المصرية لمدة عام واحد، لرفع مستواهم المعيشي ،فقدَ المهندسون المصريون ايمانُهم بالقضية فقد كان قطاع مياه النيل علي مدي نصف قرن من الزمان قاصرا علي مهندسيه، الذين يجيدون كيف يتعاملون مع نظرائهم الأفارقة..
فالمهندس المقيم في احدي دول حوض النيل مطالب بإقامة علاقات مع كل فئات المجتمع فالهدف من البعثة الانفتاح علي كل فئات المجتمع ، وكانت هناك جمعيات صداقة مشتركه بين كل دولة من دول افريقيا ومصر ، تسعي لزرع المحبة والمودة بين الشعبين توقف نشاطها ، وكان هناك تبادلا واضحا للصفقات التجارية بين رجال الاعمال، تراجعت بشكل متعمد.
حتي اقتصرت العلاقات بين مصر و أغلب دول حوض النيل علي ملف المياه ، بل ان مهندسي بعثة الري باوغندا لا يغادرون مكاتبهم "بجنجا" و"كامبالا" الا عند سفرهم لمطار عنتيبي للعودة الي مصر ، ولازلت اذكر حديثي مع احد خبراء المياه التنزانيين خلال اجتماع وزراء المياه بالقاهرة مطلع عام 2012 ، لخص خلاله المشكلة بين مصر ودول حوض النيل بكلمة واحدة "ليس برفع الاعلام تحل المشكلات العالقة بين الشعوب".
فعلي مدي عشرون عاما نذكر أن حجم الأمطار المتساقطة علي منابع النيل 1600 مليار متر مكعب من المياه فيما تحصل مصر والسودان علي 84 مليار فقط ، ولكننا ننسي أن حجم المياه الجارية في المجري في حدود 120 مليار متر تقريبا ومعني ذلك أن أغلب المياه الجارية تأتي لدولتي المصب مصر والسودان.
والسؤال الآن أين هي الأبحاث التي تصنع من مياه الأمطار، تنمية حقيقية لسكان الحوض، حقا هناك 400 مليار متر من الأمطار تسقط علي النيل الأزرق باثيوبيا ولكن أين هي المشروعات المشتركة التي تجعل المواطن الاثيوبي يشعر بأهمية علاقته بمصر أو يفكر حتي مجرد تفكير في خطورة غضب المصريين منه.
ان الخلافات بين الشعب المصري ونظراؤه من كل دول الحوض لن تحل الا اذا تواجد المصريون ، داخل هذه الدول بصورة عملية تحقق تنمية فعلية لأبناء كل بلد علي أرض الواقع ، لذلك ساظل اكرر بحتمية انشاء شركة قطاع أعمال عام علي غرار شركة النصر الوطنية ، لزيادة الصادرات والواردات مع هذه الدول بصرف النظر عما تحققه من أرباح.
فقد اصبحت التحديات تهدد الوجود المصري نفسه ، ولابد من صحوة مجتمعية لاستعادة دفء العلاقة مع هذه الشعوب ، بخطوات عاجلة واخري آجلة أما الأولي فتعني انتاج أفلام ومسلسلات تتحدث عن حوض النيل من انتاج قطاع الأنتاج الحكومي لرفع الوعي لدي المواطن المصري بطبيعة الحياة هناك، وتقديم صورة جيدة عن مصر لدي المواطن الأفريقي.
أما الثانية فهي تغيير مناهج الدراسة بحيث تصبح الدول الأفريقية احد أهم الموضوعات التي يدرسها الطالب في المرحلتين الاعدادية والثانوية ، ويمتد الأمر الي مناهج الجامعة، حيث يتعتين علي الملحقون الثقافيون لدي هذه الدول بوضع مقررات قابلة للدراسة الجامعية .. نظرا لأن أساتذة الجامعة أنفسهم لا يعرفون شيئا عن ملف حوض النيل الا ما تنشره وسائل الا علام .. أما التفكير في الحرب مع هذه الدول فانه انتحار لا يمكن القبول به أو حتي التفكير فيه..



Italian Trulli